معالي المستشار الدكتور/ حنفي جبالي
رئيس مجلس النواب
السيدات والسادة النواب
أعضاء المجلس الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يُسعدني ويشرفني التواجدَ معكم اليومَ في هذا المجلس العريق والمُوقَّر ليس فقط بصفتي وزيراً للخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج ولكن بصفتي أيضاً رئيساً للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان المعنية بتنسيق الجهود الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في جمهورية مصر العربية والتى تبذل قصارى الجهد بتوجيهات من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان باعتبار ذلك واجباً والتزاماً وطنياً في دولة ذات سيادة تقوم على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون وعدم التمييز وتذخر بفضل مجلسكم الموقر بإطار رصين ومتكامل من البنية التشريعية التى تكفل التمتع بهذه الحقوق وصيانتها.
وكما تعلمون جميعاً، فقد كان تشكيل اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان عام 2018 انعكاساً حقيقياً للأهمية القصوى التي توليها الدولة المصرية والقيادة السياسية لضمان تمتع كافة المواطنين بحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون، وحققت اللجنة منذ نشأتها نقلة نوعية في العمل الوطني في هذا المجال الهام، من خلال بلورة نهج حكومي متكامل نابع من رؤية وطنية شاملة، ترتب عليه دحض أية ادعاءات تحاول تشويه صورة مصر وسمعتها في مجال حقوق الإنسان، وتحرص اللجنة على التنسيق والتشاور المستمر مع مجلسكم الموقر.
وقامت اللجنة العليا بمبادرة وطنية خالصة بإعداد أول استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان في مصر، ثم عكفت منذ إطلاقها عام 2021 تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية على تنفيذ كافة المستهدفات فى محاورها المختلفة فى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق الطفل والشباب والمرأة وكبار السن وذوى الإعاقة والتدريب وبناء القدرات.
ولا يفوتني هنا الاشادة بالجهود التي تبذلها الجهات الوطنية المعنية وحرصها على تنفيذ كافة مستهدفات الاستراتيجية الوطنية في إطار إدارة تشاركية وإرادة صلبة لتحقيق التطور في هذا الملف لمصلحة المواطن المصري في الأساس.
وفي اطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تم اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات التي ساهمت في تحسين حياة المواطن المصري بشكل عام، وتحسين صورة مصر في مختلف المحافل الدولية، وقطعت الطريق على أية مزايدات وفى مقدمتها إطلاق الحوار الوطني واستجابة السيد رئيس الجمهورية لتوصياته، وتفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، ومراجعة سجل المحبوسين احتياطياً، والعفو والإفراج عن عدد كبير من المحتجزين على النحو الذى ينظمه الدستور والقانون، وتطوير الفلسفة العقابية ومراكز التأهيل والاحتجاز في مصر، وغير ذلك من الإجراءات التي ساهمت في تعزيز عمل المجتمع المدني ورسخت مختلف الحقوق والحريات بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير.
وعلى الضوء الأهمية التي توليها القيادة السياسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، تم تسليم السيد رئيس الجمهورية تقريرين حول تنفيذها في عاميها الأولي والثاني يعكس الجهود الوطنية لتنفيذ مستهدفاتها، وجارى اعداد تقرير حول العام الثالث لتنفيذ الاستراتيجية سيتم تسليمه أيضاً إلى السيد رئيس الجمهورية بالتزامن مع الاحتفال مع اليوم العالمي لحقوق الانسان في شهر ديسمبر القادم.
سيادة الرئيس،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر،
إن ما يقوم به مجلس النواب الموقر باعتباره السلطة التشريعية في الدولة المصرية وما يبذله أعضاؤه صوت الشعب وممثلوه من جهد للدفاع عن مصالحه من خلال تعزيز البنية التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان يعد أمراً محورياً لكفالة التمتع بهذه الحقوق التي كفلها الدستور والقانون المصري والمواثيق الدولية، ويحسب لهذا المجلس الدور المقدر الذى قام به في تعزيز أسس احترام حقوق الانسان والتشريعات ذات الصلة بما يضمن للمواطن المصري الحفاظ على كرامته وحقوقه كاملة.
ولعل أبرز تلك الجهود التي يُعنى بها مجلسكم الموقر إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية بمبادرة وطنية خالصة، وعدم الاكتفاء بتعديل القانون الحالي الذى تم إصداره في خمسينات القرن الماضي وباتت هناك حاجة ملحة لتغييره وسيكون اقرار القانون الجديد وإصداره من أهم إنجازات مجلس النواب بإعتباره أحد أهم التشريعات ويمثل الظهير التشريعي لصون وحماية حقوق وحريات المواطنين.
فمشروع القانون الجديد يُعد بمثابة ثورة تشريعية ونقلة نوعية بمنظومة العدالة الجنائية تهدف إلى تعزيز الحقوق والحريات وتوفير ضمانات المحاكمات العادلة، وتنظيم الإجراءات الجنائية بشكل دقيق، ومن ثم الحفاظ على النظام العام والأمن المجتمعي، وتحقيق التوازن بين حقوق الأفراد وواجب الدولة في محاسبة المتهمين.
إن ما بذله مجلس النواب من جهد خلال الفترة الماضية في سبيل اعداد مشروع القانون يؤكد حرص السلطة التشريعية على الخروج بمشروع قانون متكامل ومتوازن يحقق الصالح العام. كما أن حالة الحوار المجتمعي الجارية حوله ستؤدى بلا شك إلى خروجه بالشكل المتوافق عليه وطنياً بما يراعي شواغل ومقترحات كافة أصحاب المصلحة الوطنيين ويتسق مع نصوص الدستور والتزامات مصر الدولية.
لقد حرصت الحكومة على المساهمة في هذا الجهد الوطني الهام من خلال تقديم مجموعة من المقترحات ذات الصلة بتنظيم الحبس الاحتياطي لاسيما فيما يتعلق بمدده وسقفه الزمني وبدائله والتعويض المادي والأدبي عليه.
وفى هذا السياق، تأتي استجابة السيد رئيس الجمهورية لتوصيات الحوار الوطني ذات الصلة بالحبس الاحتياطي وتوجيهات سيادته بإحالتها إلى الحكومة لتعكس بشكل واضح ولا لبس فيه حرص القيادة السياسية على التوصل إلى رؤية موضوعية وتوافقية حول مشروع القانون وتطوير فلسفة الإجراءات الجنائية في مصر وأن يكون الحبس الاحتياطي اجراء وقائياً لا عقابياً.
سيادة الرئيس،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر،
إن شعب مصر العظيم يستحق مواصلة الجهد وتكثيفه من أجل التنفيذ الكامل للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فالتزام الدولة صارم لا يلين بالحفاظ على حقوق الإنسان وصون الكرامة والحريات بما يفي بالتزامنا الدستوري أولاً وقبل كل شيء، ويهيئ أيضا الظروف الملائمة لتعزيز صورة مصر الدولية في هذا المجال، لاسيما ونحن على أعتاب عدد من الاستحقاقات الدولية الهامة، وعلى رأسها الجولة الرابعة للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان في 28 يناير 2025، وانتخابات عضوية مجلس حقوق الإنسان الدولي للفترة من 2026 إلى 2028.
وختاماً، لا يسعني إلا أن أؤكد ثقتي الكاملة في أن قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيمثل عند اعتماده نقلة نوعية تضاف إلى الجهود الرامية إلى النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في مصر وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ليس لإرضاء أي طرف خارجي وانما لمصحلة الشعب المصري الكريم في المقام الأول.
وأشكركم جزيل الشكر على دعوتكم الكريمة وحسن استماعكم، وأتطلع لمزيد منّ التواصل والتعاون مع المجلس الموقر لما فيه رفعة وطننا الحبيب...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.