أولاً - نبذة عن الإطار التاريخي لعلاقة مصر بالأمم المتحدة:
تعد مصر من الأعضاء المؤسسين للأمم المتحدة حيث صادقت على ميثاق الأمم المتحدة في ٢٢ أكتوبر ١٩٤٥، وكانت واحدة من أربع دول أفريقية حاضرة في مؤتمر سان فرانسيسكو بالإضافة إلى إثيوبيا، وليبيريا، وجنوب أفريقيا - لوضع نظام عالمي جديد عقب الحرب العالمية الثانية في وقت كانت تقبع فيه غالبية القارة الأفريقية تحت الحكم الاستعماري. وقد أعربت مصر عن مخاوفها خلال مناقشة المؤتمر عضوية مجلس الأمن الدولي وحق النقض "الفيتو" لأعضائه الدائمين باعتبارها أحد القضايا المثيرة للجدل التي تمت مناقشتها وعارضت هذه الخطوة باعتبارها لا تساعد في بناء الثقة اللازمة لنجاح النظام العالمي الجديد.
تستضيف مصر ۳۸ مكتباً للأمم المتحدة، ويعمل بها أكثر من ۲۳۰۰ موظف، حيث تعد القاهرة أحد المقرات الأساسية للمنظمة.
ولمصر ممثل دائم لدي مقري الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف، بالإضافة إلى إيفاد مندوبين دائمين لدي الهيئات التابعة للأمم المتحدة. وتقديراً للدور المصري في المنظمة الأممية، تم انتخاب الدكتور بطرس بطرس غالي في يناير ۱۹۹۲ أميناً عاماً للأمم المتحدة.
وقد بدأت الأمم المتحدة أنشطتها في مصر منذ ١٩٤٨، حيث يوجد حالياً ما يقرب من ٣٢ وكالة وصندوقاً وبرنامجاً للأمم المتحدة، بما في ذلك المكاتب الإقليمية والوكالات غير المقيمة، وعبر الأعوام تطورت أطر الشراكة والتعاون بين مصر والأمم المتحدة أخذاً في الاعتبار تطورات المشهد العالمي ومتطلبات التنمية والنمو وما يرتبط بها من قضايا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
ثانياً - موضوعات حفظ وبناء السلام:
تصنف مصر ضمن قائمة كبريات الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية في عمليات الأم المتحدة لحفظ السلام، وكانت مساهمة مصر الأولى لحفظ السلام للأمم المتحدة في عام ١٩٦٠ في الكونغو، ومنذ ذلك الحين، ساهمت مصر في إجمالي ۳۸ بعثة أممية بأكثر من ٣٠ ألفاً من كوادر حفظة السلام تم نشرهم في ٢٤ دولة داخل قارات أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا. منذ المشاركة الأولى وحتى الآن، فقدت مصر ٦٠ من شهداء الواجب في إطار عمليات حفظ السلام.
وترى مصر أن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام هي التمثيل الأكبر والأكثر وضوحاً للأمم المتحدة حول العالم، فهي استثمار جماعي في السلام العالمي والأمن والاستقرار، وتتمسك مصر بالمفاهيم القارية والأممية بشأن أولوية الحلول السياسية، ومعالجة جذور الصراعات والنزاعات، وذلك عن طريق مسطرة السلام التي تبدأ بحفظ السلام مروراً ببناء السلام وصولاً إلى استدامة السلام.
كما تضطلع مصر من خلال مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام (CCCPA) بدور مهم في تنظيم الدورات والبرامج التدريبية التخصصية لكوادر حفظة السلام المصريين والأفارقة والعرب، سواء العسكريين أو الشرطيين أو المدنيين.
كما ساهمت مصر بفاعلية في إنشاء لجنة الأمم المتحدة لبناء السلام (PBC) التي تم تدشينها عام ٢٠٠٥. كما ترأست مصر هذه اللجنة عام ۲۰۲۱، برؤية مركزة على تطوير وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بشأن أجندة بناء السلام، أخذا في الاعتبار أن أغلبية أعمال وأنشطة اللجنة مرتبطة بالقارة الأفريقية.
كما تستضيف القاهرة مركز الاتحاد الأفريقي المعني بإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات"، المرادف لمفهوم بناء السلام على الصعيد الأممي.
تتولى مصر منصب المقرر الدائم للجنة الأممية المحورية C34، التي تناقش سنوياً ودوريا مستجدات تطورات مهام عمليات حفظ السلام الأممية على مدار الـ ٧٥ عاماً الماضية، حيث تواجه تلك العمليات والبعثات الأممية، في الفترة الأخيرة، تحديات غير مسبوقة تتطلب القيام بمهام معقدة في بيئات عملياتية غير تقليدية. وتضطلع مصر بدور متميز في إطار هذه اللجنة الأممية، وقدمت إسهامات قيمة في تطوير الجوانب المفاهيمية والسياسية لحفظ وبناء السلام.
مصر ملتزمة بتعزيز العمل الدولي المشترك من خلال العمل على تكريس التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق الأمن الجماعي، وذلك دعماً للأهداف المنصوص عليها ضمن ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة والإطار التأسيسي للاتحاد الأفريقي.
عقب استكمال عضوية مصر في مجلس الأمن عامي ۲۰۱۷/۲۰۱٦ ، ومع تلاحق الأحداث، دخلت مصر مجدداً في شراكة دولية في هذا الصدد، حيث نظمت المؤتمر الإقليمي رفيع المستوى حول أداء عمليات حفظ السلام، حيث استضافت مصر جميع الأطراف المعنيين، أفريقياً ودولياً، للمساهمة بآرائهم بشأن المبادرات الأممية ذات الصلة، ونتج عن هذا المؤتمر وثيقة خارطة طريق القاهرة التي أصبحت فيما بعد، من حيث المبدأ ومنذ عام ۲۰۲۰ ، الموقف الأفريقي المشترك بشأن إصلاح عمليات حفظ السلام، وهي وثيقة حية مفتوحة للإثراء والتطوير في سبيل هدف تعزيز فعالية منظومة عمليات حفظ السلام.
ثالثاً - مجلس الأمن والتوجهات بشأن اصلاحه وتوسيعه:
سبق وأن شغلت مصر عضوية غير دائمة بمجلس الأمن 5 مرات، وذلك على النحو التالي: (1946، 1949- 1950، 1984- 1985، 1996-1997، 2016-2017).
تعمل مصر جاهدة على إصلاح منظومة السلم والأمن الدوليين لاسيما مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، حيث يعد إصلاح مجلس الأمن أحد الركائز الأساسية والهامة لتطوير منظومة الأمم المتحدة بشكل عام، فبدون إصلاح حقيقي للمجلس وتوسيع عضويته ستظل الحوكمة الدولية قاصرة ومحدودة التأثير، لاسيما في ظل استمرار الخلل الهيكلي في أعمال المجلس بسبب استئثار الدول الخمس دائمة العضوية بحق النقض "الفيتو".
تدعم مصر تطلع القارة الأفريقية لمعالجة الظلم التاريخي الواقع على القارة، وغياب أي تمثيل دائم للدول الأفريقية في مجلس الأمن، وتتمسك مصر بالموقف الأفريقي الموحد، والمبني على اعلان ۱۱ سرت وتوافق أوزوليني، والذي يهدف إلى رفع الظلم التاريخي الواقع على القارة الأفريقية من خلال تحقيق التمثيل العادل والمتكامل للقارة في مجلس الأمن في سياق فئتي العضوية للمجلس، بما في ذلك مقعدين أفريقيين دائمين بكافة الصلاحيات متضمناً حق النقض، علاوة على مقعدين إضافيين" بعضوية